باب الصبر
باب الصبر:
قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200].
الصبر ثلاثةُ أَنواع: صبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم الله، وصبرٌ على أقدار الله. وقد أَمر الله تعالى بالصبر على ذلك كله.
وقوله تعالى: {وَصَابِرُوا} أي: غالبوا الكفار بالصبر فلا يكونوا أَشدَّ صبرًا منكم، فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون.
وقوله تعالى: {وَرَابِطُوا} أي: أقيموا على الجهاد. قال صلى الله عليه وسلم: ((رباطُ يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَلا أَدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((إِسباغ الوضوء على المكاره، وكَثْرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط، فذالكم الرباط)).
وقال تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].
على البلايا والرزايا بالذكر الجميل والثَواب الجزيل.
وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب} [الزمر: 10].
أي: بغيرِ مكْيالٍ، ولا وزن، فلا جزاء فوق جزاء الصبر.
وَقالَ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43].
أي: مَنْ صبر فلم ينتصر لنفسه وتجاوز عن ظالمه، فإِن ذلك من الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة.
وَقالَ تَعَالَى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]
أي: استعينوا على طلب الآخرة بحبس النَّفْس عن المعاصي، والصبر على أداء الفرائض، فإنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} أي: ثقيلة {إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} أي: المؤمنين حقًّا.
وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد: 31]، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ.
أي: ولنختبرنكم بالتكاليف حتى يتميز الصادق في دينه من الكاذب. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11].
وَالآيَاتُ في الأَمْرِ بِالصَّبْرِ وَبَيَانِ فَضْلهِ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفةٌ.
قيل: إنَّ الصبر ذُكِرَ في مائة موضع من القرآن.